هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نحن لا نملك تغيير الماضي و لا رسم المستقبل ..فلماذا نقتل انفسنا حسرة على شيئ لا نستطيع تغييره؟لذا علينا رسم أهدافنا من أجل الفائدة لنا ولغيرنا فشاركونا فيها ...
عمل المرأة حقٌ من حقوقها في الإسلام ، كما أنّ مسئوليتها تجاه أسرتها واجبٌ من واجباتها ، فمتى ما تعرّفت المرأة على حقوقها و واجباتها في الإسلام سَهُلَ عليها استنباط المعادلة التي تنطبق على حياتها اليومية. و هنا نتوقف لنتعرّف على قدوةٍ إسلاميةٍ تمكّنت من أن توازن بين أدوارها و واجباتها بكلّ اتقانٍ و أمانة، ألا وهي السّيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. و ممّا لا شكّ فيه أن كلّ امرأةٍ تضع السّيدة خديجة بنت خويلد كنموذج تقتدي به سوف تجد ذاتها و تحقّق المعادلة الصحيحة. فقد كانت رضي الله عنها أرملةً ثمَ زوجةً لأعظم الخلق رسول الله عليه الصلاةُ و السلام، و سيدةَ أعمالٍ و أمّا". المرأة التي تعول أسرتها : السّيدة خديجة بنت خويلد الأرملة و الأم لثلاث أطفال (ولد و بنتان) من زيجتين قبل زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عالت أسرتها و لم تعتمد على غيرِها في كسبِ رزقها و رزق أولادِها، لم تستسلم لظروفها و لم تسألْ عن معونة من مجتمعِها، بل على العكس هي التي ساهمَت في تنمية اقتصادِ مُجتمعِها من خلال استثماراتها و خوضها مجال المال، و أصبحتْ سّيدة أعمال باشرت أعمالها بنفسِها و بإتقانٍ تامّ، حتى أصبحت أغنى تاجرةً في الجزيرةِ العربيّة تتنافسْ مع كبارِ رجالِ أعمالِ قُريْش. سيدة الأعمال :
كسيدةِ أعمالْ، عُرِفَت السّيدة خديجة بنت خُويلد في أوساطِ المجتمعْ التِجاري بالأمانة و الرؤْية الثاقِبة و الاستراتيجّية الواضِحة، فكانت رضيَ الله عنْها مُتَوازِنَة في تَعامُلِها مع الرّجُل مُدرِكةً حُدودْ و آداب التعامُل معه في بيئةِ العمَل، ممَا أكسَبها لقب " الطّاهِرة " في قُرَيْش. مارسَت السّيدة خديجة بِنتُ خُويلد منذ أكثرْ من 1400 عاماً مُعظم أساليب التجارةِ الناجِحة، و التي لو تمّ الكشْفُ عنْها و استنباطِها مِنْ النُصوصْ لتبيّن أنّها مُماثِلة للمنهجيّات التي تُدرّسْ في الجامِعَات العالميَة اليوم. فقدْ كانتْ تُستخْدم أجوَد الطُرُق لإدارةِ أعمالِها و وسّعتْ تِجارتَها من المَحلّية إلى الدُوليّة بَعدْ انتِشارْ تِجارتَها و زِيادة أرباحها محلّياً. إدارة الموارد البشرية : عِندما قرّرت السّيدة خديجة بنت خويلد الدُخول في الأسواقْ الدوليّة، أدرَكتْ رضيَ اللهُ عنْها احتِياجِها لِتوسيعْ المَوارِد البشريّة العامِلة لديْها، و لاستِقطابْ مُوظفيِن ذَوي كفاءةً عاليةً للقيامِ بالتجارةِ لها في الخارِج. بدأتْ في البحثِ عن أُجَراءْ عن طريق التَسمّع و استكشافْ الكَفاءات الموجودة، فبلَغَها ما تناقلتهُ قُرَيشْ عنِ الرسولِ الكريم عليهِ الصلاةُ و السلامْ و ما يتميّز بهِ من أخلاقياتْ نادِرة مبنيّة على الصِدقِ و الأمانة فاستقطبتُه للعملِ لديها ، على الرغمِ مِن عدمْ معرِفة الرسولِ السابِقة بعالمِ التِجارة إلا أنها ركّزتْ استِقطابِها على الصِفات الإِنسانيّة و الأخلاقِ الكرِيمة، حَيثُ علِمتْ بحكمتِها رضيَ اللهُ عنْها أنَ المهاراتْ يُمكِنْ اكتِسابِها و أنَ الأخلاقَ الحمِيدة هيَ الّتي يعُولُ عليْها النجاحُ المُستدامْ. الحياة الزوجية : كانت السّيدة خديجة بنِتُ خُويلِد امرأةً جَميلةً وَ غنيّة مِن عائلةً عريقةً في مكّةَ المُكرّمة . و قبلَ استقطابْ الرسوُل الكريم عليهِ الصلاةُ و السلامْ للعملِ لديْها كانتْ أرملةً لمرّتينْ و لديْها ثلاثةُ أطفالْ ، و لِمَا عُرِفَ عنْها مِن أخلاقٍ في التعامُل و طهارةُ نفس ٍ تقدّم لِطلبِ الزواجِ مِنْها العدَيد منْ سادةِ مكّة إلّا أنّها كانتْ تصرِفَهُم برفقٍ حازِم يأبَى و لا يجْرَح، متعلّلةً برغبتِها في التفرّغْ لتربيةِ أطفالِها. و عند التعامُل التِجاري عن قُربْ معَ الرسولِ الكريم عليهِ الصلاةُ و السلامْ تلمّستْ أخلاقيّاته النادِرة و الكاملِة من صدقٍ و أمانةٍ و إخلاصْ فأُعجِبتْ بهِ ، و بادرتْ بإِرسالِ صديقَتِها "نفيسة بنتُ منيَة" لتستَشفْ مدى اسِتعدادهُ للزواجِ منْها، و هذا دليلٌ على ثقتِها بنفسِها حيثُ كانتْ تتقدّم عنْه في العُمُر بحوالي خمسةَ عشرَ عاماً و تُعتبرْ أغنى مِنْه مالاً. فَبمثلِ هذا التصرُفْ تضعْ السّيدة خديجةُ بنِتْ خُويلْد "الأخلاقيَات" كأهمْ عامِل من عوامِل اختيارْ شريكْ الحياة و ليس المادياّت حيثُ كانَ بإمكانهِا اختيارُ الارتباطْ بأحدِ أثرياءِ مكّة و سادتِها ممّن يساوِيها أو يفوقُهُا مادياًّ، و لكنْ كوُنهُا امرأةً حكيمةً فقد أدركتْ أنً الحياةَ الزوجّية الناجِحة لا تُبنْى على الماديَات فقَطْ و إنّما على الأخلاقيّات في المقامِ الأوّل. شكّلتْ لنا السّيدة خديجة بنتُ خُويلِد بِزواجِها من الرّسُول عليهِ أفضلِ الصّلاةِ و التسليمْ النموُذجْ الإسلامي الرائِدْ في العِلاقةِ الزوجيةِ و تعدّي الأزمَاتْ. فحُبّ رسولِ اللهِ عليه الصلاةُ و السّلام للسّيدة خديجة يفوُق خيالَ العقلِ في هذا العصْر. و دعمْ السّيدة خديجة رضيَ اللهُ عنْها للرسولِ الكريم عليه الصلاةِ و السلام يرتقي فَوْق جميعِ معاييرِ و مكوّنات العلاقةِ الزوجيةِ الناجحة الحديثة ، و يجسّد ذلك معَاني كثيرة يُمكِننا الاقتداءِ بها.